إنهاء عقد العمل غير المنفذ دراسة مقارنة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم التشريعات الاجتماعية کلية الحقوق ـ جامعة حلوان

نقاط رئيسية

تکملة المقال داخل الملف المرفق

الموضوعات الرئيسية


مقدمـــــــــــة

أن تتجه أقلام الباحثين صوب أحکام إنتهاء علاقات العمل التي شُرع في تنفيذها أو نفذت بالفعل، فهذا أمر طبيعي؛ فهذه علاقة أبتدئت ورتبت حقوقًا والتزامات في ذمم أطرافها. أما أن يتجه قلمنا البحثي صوب أحکام إنتهاء علاقة العمل التي لم يبدأ في تنفيذها بعد، فهذا ما قد يکون مستغربًا؛ فالعلاقة مازالت خاملة ولم تنتقل بعد إلى حالة حرکة؛ فلا عامل قام بعمل ولا صاحب عمل شُغلت ذمته بأعمال أديت له.

ـ موضوع البحث:

يدور بحثنا حول مسألة دقيقة للغاية، قوامها حکم إنتهاء علاقة العمل قبل البدء في تنفيذها، وما تثيره هذه العلاقة من إشکاليات في حالة إنتهائها إنتهاءً مبتسرًا. فإذا کان بدء تنفيذ العقد ضروريًا لتقرير حقوق العامل المسرح، فهل عدم تنفيذه يقرر له نفس المزايا مع الأخذ في الحسبان وجود عقد عمل قائم؟ ومتى يعتبر عقد العمل موجود ومرتب لآثاره بالنسبة للطرفين؟ وإلى أساس قانوني يستند إنهاء هذه العلاقة، وما الآثار القانونية التي يرتبها، سواء في جانب العامل أو في جانب صاحب العمل؟ تلک الأسئلة التي تحاول الدراسة الإجابة عنها، تحت مظلة مبدأ الرضائية في إبرام وإنهاء عقد العمل وإعادة هيکلة المنشأة، بجانب وجود أسباب أجنبية تحول دون تمکين العامل من ممارسة عمله. وما يثيره کل ذلک من آثار قانونية على إنهاء العقد، خاصة مستحقات العامل.

ـ إشکالية البحث:

تکمن إشکالية البحث في المخاطر الاجتماعية والاقتصادية التي تتولد عن غياب التنظيم التشريعي المصري لمسألة إنهاء عقد العمل غير المنفذ، واقتصار المعالجة التشريعية على العلاقات التي بُدأ في تنفيذها بالفعل، سواء اکتملت أم لم تکتمل. فيؤدي إنهاء عقد غير منفذ إلى عدم استقرار الروابط العقدية ووقوع العمال فريسة للبطالة قبل انخراطهم في عالم العمل، ولا يخفى ما لهذه الظاهرة الأخيرة من آثار سلبية على المجتمع بأکمله، وتزداد خطورة الإنهاء في الدول التي لم تضع حلولاً بديلة لمعالجة آثار الإنهاء في تشريعاتها سواء في مجال التشغيل وتوفير فرص العمل البديلة والتأهيل المهني لاستئناف العمل مرة أخرى والعودة إلى سوق العمل فضلاً عن تشجيع المشاريع القادرة على استيعاب العمال وتفعيل صناديق التأمينات والإعانات الاجتماعية خاصةً التأمين ضد البطالة. 

وعليه، فقد يتخذ الإنهاء الذي نحن بصدده، ذريعة للتخلص من العمال دون محاسبة لأصحاب العمل لطالما أن التسريح قد بات واحدًا من أسباب إنهاء عقد العمل([1]). فلم يعر الشارع هذه المسألة الجوهرية إهتمامًا يذکر، کما أن الاجتهاد القضائي في هذه المسألة لم يستطع سد ثغورها، بل يکاد يکون منعدمًا مقارنةً بالموروث القضائي الفرنسي في تنظيم علاقات العمل؛ فقد أرست محکمة النقض الفرنسية الأساس في تنظيم هذا الإنهاء وما يخلفه من آثار، کما سيأتي البيان في موضعه.              

ـ النطاق الموضوعي للبحث:

يخضع عقد العمل غير المنفذ، کغيره من عقود العمل، لأسباب الانقضاء العامــة والخاصـة الأمـر الذي لا يستسـاغ معه استعراض جميع هذه الأسباب تلاشيًا لرتابة التکرار. ويخرج من نطاق هذا البحث کذلک الإنهاء الاتفاقي لعقد العمل غير المنفذ؛ إذ لا نتعرض لهذا السبب لعدم وجــود صعوبــات تثــار في مجال الواقـع العملـي فالمفترض أن الطرفان قد اتفقا على الإنهاء وعلى الآثار المترتبة عليه. ويخرج من نطاق هذا البحث أيضًا إنهاء عقد العمل لأسباب شخصية کتلک الراجعة إلى العامل مع احتفاظ المنشأة بالوظيفة ومن ذلک إنهاء خدمات العامل لعدم کفاءته أو لعدم صلاحيته المهنية؛ فعقد العمل ينتهي قبل البدء في تنفيذ الالتزامات العقدية فينتهي قبل قيام العامل بالعمل المکلف به، ولا مجال إذًا لإثبات کفاءته أو عدم صلاحيته.

ـ خطة الدراسة:

تنقسم الدراسة في هذا البحث إلى فصلين، يتناول أولهما حالات إنهاء عقد العمل غير المنفذ، وبيان أسباب الإنهاء سواء أکانت راجعة إلى أطراف العقد أو خارجة عنهم، ويستعرض ثانيهما الآثار القانونية التي تترتب على إنهاء العقد غير المنفذ، من تعويض ومستحقات أخرى. على أن نبتدأ هذه الدراسة بمبحث تمهيدي يتناول طبيعة عقد العمل غير المنفذ فيما يتعلق بإبرامه وآثاره.

لذلک، تناولت الدراسة هذا الموضوع من خـلال الخطة البحثية التالية:

مبحث تمهيدي: طبيعة عقد العمل غير المنفذ:

المطلب الأول: إبرام عقد العمل غير المنفذ.

المطلب الثاني: آثار عقد العمل غير المنفذ.

الفصل الأول: حالات إنهاء عقد العمل غير المنفذ

المبحث الأول: إنهاء عقد العمل غير المنفذ لأسباب خارجة عن أطراف العقد:

المطلب الأول: القوة القاهرة وانقضاء عقد العمل غير المنفذ.

المطلب الثاني: استحالة تنفيذ عقد العمل غير المنفذ.

المبحث الثاني: إنهاء عقد العمل غير المنفذ لأسباب راجعة إلى أطراف العقد:

المطلب الأول: إنهاء عقد العمل غير المنفذ من جانب العامل(الاستقالة).

المطلب الثاني: إنهاء عقد العمل غير المنفذ من جانب صاحب العمل (التسريح لسبب الاقتصادية).

الفصل الثاني: آثار إنهاء عقد العمل غير المنفذ

المبحث الأول: تعويض البطالة کأثر لإنهاء عقد العمل غير المنفذ:

المطلب الأول: الإطار القانوني لتعويض البطالة.

المطلب الثاني: أحکام تعويض البطالة.

المبحث الثاني: المستحقات الأخرى للعامل عن إنهاء عقد العمل غير المنفذ:

المطلب الأول: تعويض الإنهاء.

المطلب الثاني: المستحقات الأخرى للعامل.

مبحث ختامي: مشروع تعديل قانون العمل الموحد بإضافة مواد متعلقة بوقف عقد  العمل وإنهائه.

الخاتمة.

 



([1])  François Gaudu: Les nullités du licenciement et le principe pas de nullité sans texte, Droit social, n02 février 2010, p.153.