نوع المستند : المقالة الأصلية
المؤلف
مدرس القانون الجنائي بکلية الشرطة
نقاط رئيسية
تکملة المقال داخل الملف المرفق
الموضوعات الرئيسية
مقدمة عامة
1- التعريف بموضوع البحث وأهميته: عرفت البشرية ظاهرة الهجرة منذ قديم الأزل، ويقصد بها الانتقال من موقع إلى آخر بحثاً عن وضع أفضل اجتماعياً کان أو اقتصادياً أو دينياً أو سياسياً([1])، والهجرة قد تکون داخلية داخل إقليم الدولة من القرى إلى المدن، وقد تکون خارجية من دولة إلى أخرى.
وتحرص غالبية الدول على تقرير حق الإنسان في الهجرة کأحد حقوق الإنسان الأساسية، ومن هذه التشريعات القانون المصري الذي نص في دستوره المعدل لعام 2014 على حق المواطن في الهجرة في المادة (62) منه، والتي تقضي بأنه: "حرية التنقل والإقامة والهجرة مکفولة"([2])، وأوضحت المادة (9) من القانون أنه يمنح لمن يرغب من المصريين في الهجرة الدائمة ترخيصاً بذلک من الجهة الإدارية المختصة بوزارة الداخلية وفقاً للأوضاع المقررة في القانون([3]).
والهجرة إن تمت من خلال اتباع القوانين واللوائح من خلال القنوات الشرعية، فإنها تکون هجرة شرعية، ولکن إن تمت الهجرة من خلال العبور غير المشروع للحدود ما بين الدول دون الحصول على تصريح من الدولة المستقبلة أو من خلال المرور عبر المنافذ غير الرسمية، ففي هذه الحالة تکون الهجرة غير شرعية([4]). وتشير أحدث تقديرات الأمم المتحدة عن الهجرة الدولية في عام 2013 إلى انتشار ظاهرة الهجرة على الصعيد الدولي؛ إذ إن هناک (232) مليون مهاجر في جميع دول العالم يمثلون (3,2%) من إجمالي سکان العالم الذين يبلغ عددهم (7,2) مليار نسمة، منهم (35) مليون مهاجر تحت سن الـ20سنة و(40) مليوناً أعمارهم من (20 إلى 29) عاماً، إلا أنهم لا يمثلون أکثر من (30%) من مجموع المهاجرين، وتمثل الإناث ما يقرب من نصف السکان المهاجرين الدوليين ([5]).
وعلى الرغم من صعوبة تقدير حجم ظاهرة الهجرة غير الشرعية بشکل حقيقي ودقيق؛ نظراً للطابع السري لعمليات التهريب، ولإحجام المجني عليهم وذويهم عن الإبلاغ عن عصابات الهجرة غير الشرعية، فإن مکتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يقدر أعداد المهاجرين الأفارقة الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا سنوياً دون أن تکون لديهم الوثائق المناسبة بـ(300) ألف مهاجر([6]).
بينما أشارت تقديرات سابقة إلى أن حجم الهجرة غير الشرعية وصل بحجم تقديرات منظمة العمل الدولية على مستوى إجمالي العالم إلى نحو (15%) من إجمالي المهاجرين في العالم، وأن حجم الهجرة غير الشرعية بحسب تقديرات الأمم المتحدة وصل إلى نحو (180) مليون شخص، وأن منظمة الهجرة الدولية تقدر حجم هذه الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي بنحو مليون وخمسمائة ألف مهاجر([7]).
والواضح أن الأرقام السابقة تشير بشکل جلي إلى تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية على الصعيد الدولي، وهو ما ينبئ بخطورة هذه الظاهرة على کافة الأصعدة الدولية والإقليمية والوطنية.
ومما يزيد من خطورة هذه الظاهرة تزايد أعداد المفقودين خلال عمليات الهجرة غير الشرعية، حيث يقدر البعض عدد المفقودين بسبب الهجرة غير الشرعية خلال أربع سنوات (1997-2001) بنحو (3923) مفقوداً([8])، بينما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن (6000) مهاجر من إفريقيا قد لقوا حتفهم أو أصبحوا في عداد المفقودين في عام 2000 خلال سفرهم بحراً إلى جزر الکناري([9])، وهو ما يبرز خطورة هذه الظاهرة على المهاجرين المهربين أنفسهم الذي قد يصل الأمر فيها إلى فقدانهم لأرواحهم.
([1]) د. سامح محمد السيد: إطلالة على ظاهرة الهجرة غير الشرعية ومواجهتها أمنياً، مجلة البحوث القانونية والشرطية، العدد السابع، کلية الشرطة، أکاديمية الشرطة، القاهرة، ص369.
([2]) وتجدر الإشارة إلى أن الدستور المصري السابق لعام 1971 کان ينص في المادة (52) منه على حق کل مواطن في الهجرة الدائمة أو المؤقتة إلى الخارج، والقانون رقم (111) لسنة 1983 بشأن الهجرة ورعاية المصريين في الخارج کان ينص في مادته الأولى على حق المصريين في الهجرة الدائمة أو الموقوتة للخارج سواء أکان الغرض من هذه الهجرة ما يقتضي الإقامة الدائمة أم الموقوتة، وأنهم يظلون محتفظين بجنسيتهم المصرية، ولا يترتب على هجرتهم الدائمة أو الموقوتة الإخلال بحقوقهم الدستورية أو القانونية التي يتمتعون بها بوصفهم مصريين طالما ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية.
([3]) د. أحمد جاد منصور: الحماية القضائية لحقوق الإنسان، حرية التنقل والإقامة في القضاء الإداري المصري وفقاً لأحدث أحکام محکمة القضاء الإداري والمحکمة الإدارية العليا والمحکمة الدستورية العليا حتى عام 1997، طبعة 1997، ص259.
([4]) Heckman, Friedrich: Towards a better understanding of human smuggling. Policy Brief No. 5. Amsterdam: European Network of Excellence on International Migration, Integration and Social. Cohesion (IMISCOE), November 2007.
والموجزمتاحعلىالعنوانالتالي:
www.imiscoe.org/publications/policybriefs/documents/PB5-Heckman.pdf
([5]) انظر: دراسة المرکز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حول "الهجرة غير الشرعية للشباب المصري" بالتعاون مع اللجنة الوطنية التنسيقية لمکافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، القاهرة، 2016.
([6]) انظر: مجموعة أدوات لمکافحة تهريب المهاجرين- الأداة 1 فهم ظاهرة تهريب المهاجرين، مکتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2013، ص45.