المسئولية المدنية للرياضى عن فعل الأدوات التى فى حراسته دراسة مقارنة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

1 مدرس القانون المدني بکلية الحقوق – جامعة القاهرة

2 أستاذ مساعد معار بکلية القانون – جامعة قطر

نقاط رئيسية

تکملة المقال داخل الملف المرفق

الموضوعات الرئيسية


المقدمة

يستخدم الرياضيون في ممارسة النشاط الرياضي - في الغالب الأعم- أشياء أو أدوات تختلف بحسب نوع اللعبة التي يمارسونها([1]). فإذا سبب الشيء المستخدم في ممارسة الرياضة ضررًا للغير (لاعب آخر أو أحد المتفرجين)، فإن السؤال يثور عما إذا کان اللاعب يسأل عن هذا الضرر وفقًا لقواعد المسئولية الشخصية (المسئولية المؤسسة على الخطأ واجب الإثبات)، أم يسأل عنها باعتباره حارسًا للشيء ومسئولًا عما يحدثه من ضرر وفقًا لقواعد المسئولية الشيئية.

ويثور التساؤل- في هذا الصدد- عن مدى إمکانية تطبيق أحکام المادة 178 مدني من قانون رقم 131 لسنة 1948 بشأن إصدار القانون المدني (يقابلها نص المادة 1242/1 مدني فرنسي جديد) التي تعالج أحکام المسئولية عن فعل الأشياء في مجال ممارسة النشاط الرياضي والنظر إلى الأدوات الرياضية على أنها أشياء يمکن أن تسبب ضررًا للغير([2])، وفي الوقت نفسه النظر إلى النادي الرياضي أو اللاعب الهاوي على أنه حارس لها، وأنها قد أفلتت من حراسته وتسببت في إحداث الضرر بلاعب آخر أو بالغير([3]).



[1]- عرف د. عبد الرزاق السنهوري الألعاب الرياضية بأنها “هي التي تقوم على المهارة في رياضة الجسم". راجع: دعبد الرزاق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني – الجزء الأول – المجلد الثاني -نظرية الالتزام بوجه عام – مصادر الالتزام –منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت لبنان – ط 2011- ج7 – فقرة 506 – ص 1019.

[2]- نظم المشرع المصري أحکام المسئولية عن فعل الشيء في المواد 176، 177، 178) ونظمها المشرع الفرنسي في المواد (1242/1، 1243، 1244). حيث إن المشرع الفرنسي قد مد أحکام هذه المسئولية لتشمل کل الأشياء حيث نصت المادة 1242/1 مدني على أنه "لا يسأل المرء عن الضرر الذي يحدثه بفعله الشخصي فحسب، وإنما يسأل أيضًا عن الضرر الناتج عن أفعال الأشخاص الذين يسأل عنهم أو عن الأشياء التي بحراسته ". ومعنى ما تقدم أن المشرع الفرنسي وسع من نطاق المسئولية عن فعل الشيء.

وجدير بالذکر أن التشريعات العربية المقارنة قد توافق بعضها مع نص المادة 178 مدني کالمشرع السوري الذي نقل ذات النص في المادة 179 مدني بمرسوم رقم 84 لسنة 1949. وبعضها الآخر اختلفت في الصياغة ونوعًا ما في المضمون مع نص المادة 178 مدني وينطبق ذلک على کل من المشرع المغربي في المادة 88 من قانون 1931 بشأن قانون الالتزامات والعقود التي نصت على أن " کل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته، إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر، وذلک ما لم يثبت: 1 - أنه فعل ما کان ضروريا لمنع الضرر؛ 2 - وأن الضرر يرجع إما لحدث فجائي، أو لقوة قاهرة، أو لخطأ المتضرر". وينطبق کذلک على المشرعين الکويتي في المادة 243 والقطري في المادة 212 مدني؛ والإماراتي في المادة 316 مدني اتحادي؛ و291 مدني أردني؛ و231 مدني عراقي. ويتمثل أوجه الخلاف بين هذه التشريعات ونص المادة 178 مدني مصري في أن بعضها کالمشرعين الکويتي والقطري زاد على النص المصري ذکر أمثلة للأشياء التي تتطلب عناية خاصة کما ورد في الفقرة الثانية من هذين النصين" تعتبر الأشياء التي تتطلب عناية خاصة لمنع وقوع الضرر منها السيارات والطائرات وغيرها من المرکبات الأخرى والآلات الميکانيکية والسفن، والأسلحة، والأسلاک والمعدات الکهربائية، والحيوانات، والمباني، وکل شيء آخر يکون، بحسب طبيعته أو بحسب وضعه، مما يعرض للخطر".

وذکر المشرعون الآخرون المغربي والإماراتي والعراقي والأردني أن الحارس - کما ذکر المشرع المغربي - "فعل ما کان ضروريا لمنع الضرر". وذکر المشرعون الإماراتي والعراقي والأردني عبارات" إلا ما لا يمکن التحرز منه" أو کما ذکر المشرع العراقي " ما لم يثبت انه اتخذ الحيطة الکافية لمنع وقوع هذا الضرر".

وإذا انتقلنا إلى الفقه الإسلامي، فإننا لا نجد عنوانًا لأحکام المسئولية عن فعل الشيء، وإنما نجد تطبيقات فقهية عليها عن فعل الحيوان في " جناية العجماء " وتهدم البناء ومعالجة الآلات الميکانيکية في مسألة اصطدام السفن. انظر في هذا المعنى: أحمد عبد الکريم أبو شنب – أحکام المسئولية عن فعل الشيء في القانون الأردني والفقه الإسلامي – مجلة المنارة للبحوث والدراسات – الأردن – مج 7 – ع3 – 2001 – ص247 – 248.

وربما يتصور البعض بأن المسئولية الناشئة عن الأضرار الناتجة عن فعل الأداة الرياضية من الأمور المستجدة التي لم يتعرض لها الفقهاء المجتهدون الأوائل، وهذا زعم خاطئ فإن الادوات الرياضية والألعاب الرياضية تعرض لها الفقهاء بل هناک أبواب فقهية نظمت الألعاب الرياضية. فهناک في الفقه الإسلامي ما يعرف بکتاب المسابقة والمناضلة کما عبر الإمام الخطيب الشربيني، أو کتاب السبق والرمي کما عبر الإمام الماوردي. راجع: الخطيب الشربيني ـ مغني المحتاج 6/172 جاء في مغني المحتاج " کتاب المسابقة والمناضلة هما سنة: ويحل أخذ العوض عليهما" قال الزرکشي: "وينبغي أن يکونا فرض کفاية، لأنهما من وسائل الجهاد، وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب، والأمر بالمسابقة يقتضيه "؛ راجع: أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ) ـ الحاوي الکبير – تحقيق الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود- دار الکتب العلمية، بيروت - لبنان – ط الأولى، 1419 هـ -1999 م – ج15 – ص 180.

[3]- قضت محکمة النقض المصرية بأنه " يشترط في الغير الذي ترتفع بخطئه مسئولية الحارس ألا يکون ممن يسأل الحارس قانوناً عما يحدثونه من ضرر بعملهم غير المشروع". نقض مدني - الطعن رقم 5841 لسنة 73 ق – جلسة 20/2/2014 ؛ حکم منشور على موقع قوانين الشرق:

http://0-www.eastlaws.com.mylibrary.qu.edu.qa/AhkamView.aspx? I=363954&H=&HM=0#594409