حق الإدارة الضريبة فى الإطلاع

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الاقتصاد والمالية العامة والتشريع الضريبى - کلية الحقوق جامعة القاهرة

نقاط رئيسية

تکملة المقال داخل الملف المرفق

الموضوعات الرئيسية


تمهید:

تسعى القوانین بصفة عامة إلى إقامة نوع من التوازن المعقول بین المصالح المختلفة والتى تبدو متعارضة، وکذلک القانون الضریبى یسعى إلى تحقیق التوازن بین المصالح التى تبدو متعارضة بین مصلحة الضرائب من ناحیة ومصلحة المکلف من ناحیة أخرى، فوضعت القوانین التى تکفل حقوق مصلحة الضرائب وتحقق أهدافها، وتحافظ فى نفس الوقت على حقوق الممولین.

وقد وضح القانون الضریبى للإدارة الضریبیة الأسالیب والطرق المختلفة للوصول إلى حقیقة المادة الخاضعة للضریبة، ولتحدید مقدار الضریبة المفروضة على المکلف بطریقة دقیقة وصحیحة وعدالة إلى حد ما. فقد أعطى القانون الضریبة للإدارة الضریبة العدید من الحقوق والسلطات والامتیازات فى سبیل الوصول إلى حقیقة دخل الممول، کحق الإدارة الضریبة فى المناقشة والتحرى والمعاینة والفحص والتفتیش بالإضافة إلى حق الإطلاع على دفاتر وسجلات ووثائق الممولین، بدون الاحتجاج بسریتها([1]). وذلک لأن معرفة هذه الأسرار لیست هى هدف مصلحة الضرائب فى حد ذاتها، وإنما هى الوصول إلى مقدار الدخل الحقیقى للمکلف([2]) وتحدید وعاء الضریبة وعناصره المختلفة ابتغاء تحقیق عدالة الضریبة ومنع التهرب منها([3]).

إلا أن استعمال هذه الحقوق والسلطات والامتیازات یجب ألا تؤدى إلى انتهاک حرمة الحیاة الخاصة للمکلف بدفع الضریبة ([4])، وإنما ینبغى أن تمارس هذه السلطات فى الإطار الذى یسمح فیه القانون بذلک بدون تجاوز أو تعسف تجاه المکلف بالضریبة.

وفى سبیل تحقیق هذا الهدف وضع القانون الضریبى العدید من الجزاءات التى توقع على کل من یعرقل استخدام الإدارة الضریبة للسلطات السابقة، سواء بالامتناع عن تقدیم المستندات أو رفض إطلاع موظفى الضرائب على هذه المستندات أو تقدیم مستندات غیر صحیحة أو مزورة أو تقدیم فواتیر مصطنعة إلى غیر ذلک من الوسائل التى تؤدى إلى التهرب الضریبى، وتعرقل عمل جهة الإدارة الضریبیة.

وفى المقابل أحیاناً نجد أن الإدارة الضریبة قد تسئ استخدام واستعمال ما منحها القانون إیاه من سلطات وامتیازات تجاه المکلفین بأداء دین الضریبة، فیتعین على القضاء أن ینصف هؤلاء المکلفین عندما یتظلمون من خطأ وقعت فیه الإدارة الضریبیة أو تعسف عندما تتجاوز الإدارة الضریبیة سلطاتها تجاه المکلفین، فالرقابة القضائیة بصفة عامة والرقابة القضائیة على أعمال الإدارة الضریبیة بصفة خاصة، تجعل الإدارة تمارس حقوقها وسلطاتها فى إطار القانون دون إفراد أو تفریط، ودون تجاوز على حقوق وضمانات الممولین.

مشکلة البحث:

تکمن المشکلة فى سلطة حق الإطلاع فى ذلک التعارض الظاهر بین مصلحتین هما مصلحة الأفراد فى الحافظ على أسرارهم الخاصة، ومصلحة الدولة فى الإطلاع على تلک الأسرار، لذا فلا یجوز للأفراد الامتناع عن تقدیم الأوراق والمستندات والمحررات للإدارة الضریبیة بحجة سریتها، لأن مصلحة الدولة تعلو على مصلحة الأفراد([5]).

نطاق البحث

ینحصر هذا البحث فى دراسة السلطات والامتیازات الممنوحة للإدارة الضریبیة، وهى بصدد مباشرة حق الإطلاع على ما لدى الممول من دفاتر أو مستندات ومحررات أو وثائق بغرض ربط الضریبة المقررة بموجب القانون رقم 91 لسنة 2005. بهدف التعرف على ماهیة حق الإطلاع والسلطة المختصة بمباشرته، وکذلک التعرف على کیفیة ممارسته، والتعرف على ما قد یسبقه من إجراءات تمهیدیة لممارسة الحق فى الإطلاع.

خطة البحث

سوف یتم تناول موضوع البحث وهو حق الإدارة الضریبة فى الإطلاع من خلال فصلین. خصص الفصل الأول لدراسة الإجراءات والحقوق التمهیدیة التى تسبق الحق فى الإطلاع من خلال ثلاثة مباحث، وتناولت فى المبحث الأول منها: حق الإدارة الضریبیة فى المناقشة، وتناولت فى المبحث الثانى حق الإدارة الضریبیة فى الفحص والتحرى. وتم تقسیم هذا المبحث إلى مطلبین، خصص المطلب الأول لدراسة حق الإدارة الضریبیة فى الفحص، بینما تناولت حق الإدارة الضریبة فى التحرى فى المطلب الثانى. ثم تناولت فى المبحث الثالث من الفصل الأول: دراسة حق الإدارة الضریبة فى المعاینة.

بینما خصص الفصل الثانى من هذا البحث لدراسة حق الإطلاع الممنوح للإدارة الضریبیة من خلال ثمانیة مباحث خصص المبحث الأول منها لدراسة ماهیة حق الإطلاع أما المبحث الثانى فخصص لدراسة جریمة الامتناع عن إطلاع الإدارة الضریبیة على البیانات وصور الدفاتر والمستندات ثم تناولت فى المبحث الثالث السلطة المختصة بمباشرة حق الإطلاع، أما المبحث الرابع فتم تخصیصه لبیان محل الإطلاع، أما المبحث الخامس فتناولت فیه دراسة الجهات التى یجوز الإطلاع على ما لدیها من مستندات، أما المبحث السادس فخصص لدراسة وقت ممارسة حق الإطلاع، أما المبحث السابع فتناولت فیه أحکام دخول مقار عمل الممول بمناسبة مباشرة حق الإطلاع. أما المبحث الثامن، فتناولنا فیه النتائج المترتبة على مباشرة حق الإطلاع.

منهجیة البحث:

من أجل الوصول إلى هدف هذا البحث، سوف یلجأ الباحث إلى إتباع المنهج التحلیلى الوصفى وذلک بیان طبیعة السلطات والامتیازات الممنوحة للإدارة الضریبیة وهى بصدد مباشرة الحق فى الإطلاع. وکذلک بیان حدود هذه الامتیازات وأوضاعها وشروطها وضوابط ممارستها مع بیان موقف المشرع الضریبى المصرى منها.

 



([1]) حیث یفترض فى الإدارة الضریبة الأمانة على کل ما تطلع علیه من أسرار.

([2]) انظر د.عبدالباسط على جاسم. حق الإطلاع الضریبى لموظفى الإدارة الضریبیة فى التشریع الضریبى العراقى. بحث منشور فى مجلة الرافدین للحقوق، المجلد رقم 11، العدد 41، السنة 2009، ص203.

([3]) انظر د. عبدالحمید الشواربى. الطعون الضریبیة، الناشر منشأة المعارف بالاسکندریة، 1990، ص240.

([4]) تعد سلطة الإطلاع الممنوحة للإدارة الضریبیة، إحدى الإجراءات الماسة بحریة وحرمة الحیاة الخاصة بالأفراد، لکونه یخول الإدارة الضریبیة الإطلاع على أسرار المکلف بالضریبة من خلال الإطلاع على أوراقه ومستنداته ومحرراته ومراسلاته الشخصیة أحیاناً، مما یؤدى إلى کشف هذه الأسرار.

([5]) انظر: د. عبدالباسط على جاسم. مرجع سابق، ص 204.