النظام الضريبى وعلاقته بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مع إشارة خاصة إلى النظام الضريبى المصرى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الاقتصاد والمالية العامة والتشريع الضريبى

نقاط رئيسية

تکملة المقال داخل الملف المرفق

الموضوعات الرئيسية


مقدمة

یعد النظام الضریبى من أهم أدوات السیاسة المالیة التى تستخدمها الدول على اختلاف توجهاتها الأیدیولوجیة والفکریة لتحقیق أهدافها السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة، باعتبار أن النظام الضریبى وما یحتویه من مواد، إنما یعبر عن المبادىء الرئیسیة الحاکمة للمجتمع الذى یطبق فیه. لاسیما بعد أن تطور دور الدول فى الحیاة الاقتصادیة، فلم یعد دورها قاصراً على تغطیة النفقات العامة للدولة، بل أصبحت أداة للتوجیه الاقتصادى وإعادة توزیع الدخول والثروات، وأداة لتحقیق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والسیاسى.

ولا جدال فى أن السیاسة الضریبیة لها انعکاسات مهمة على النشاط الاقتصادی باعتبار أن الضرائب تعتبر من أهم المصادر للحصول على الموارد السیادیة للدول، مما یؤدى الى تخفیض العجز الکلى فى الموازنة العامة للدولة وتقلیل اللجوء إلى الإصدار النقدی لمواجهة هذا العجز وما یصاحب ذلک من ضغوط تضخمیة، کما أن الضرائب تعتبر من الوسائل المهمة فى تنشیط وتحفیز الاستثمارات المحلیة والأجنبیة بغرض زیادة الإنتاج ومواجهة الضغوط التضخمیة وما یترتب علی ذلک من امتصاص البطالة.

إلا أن الإفراط فى استخدام الضرائب کمصدر للتمویل قد یؤثر بالسلب على حرکة النشاط الإنتاجى والاستثمارى والاستهلاکى فى المجتمع، ولهذا یجب عند قیام الدولة بفرض الضرائب أن یکون بقدر حاجتها إلى الحصیلة الضریبیة، کما أن زیادة معدلات الضرائب یقتضى أن تفرض فى حدود الطاقة الضریبیة للمجتمع، وألا تبالغ الدولة فى فرض الضرائب بغیر مقتضى، بید أن الاستمرار فى زیادة العبء الضریبى یعتبر الطریق السهل فى المدى القصیر، ولکن تأثیره على المدى الطویل قد یکون مکلفاً للغایة، إذ یؤدى الى انتقال رؤوس الاموال والاستثمارات للخارج حیث البیئات الأفضل استثماریاً واقتصادیاً.

ومن ثم فإن سلطة الدولة فى هذا الشأن لیست مطلقة، ولکنها مشروطة بمراعاة أوضاع المکلفین بها، ومراعاة الأسس الموضوعیة فى فرضها وجبایتها، کما یشترط فى النظام الضریبى الجید أن یعمل على زیادة الحصیلة الضریبیة ومراعاة العدالة الضریبیة، وعدم الاضرار بالمقدرة الانتاجیة للمکلفین تجنباً لأن تتحول الحصیلة الضریبیة المتزایدة إلى حصیلة متناقصة.

کما یرتهن نجاح النظام الضریبى بمدى قدرته على تحقیق التوافق والملائمة بین مصلحة الخزانة العامة فى تحقیق أکبر قدر من حصیلة الضرائب، ومصلحة الممولین فى تحقیق العدالة الضریبیة والعدالة الاجتماعیة فى نفس الوقت، وذلک بتحملهم العبء الضریبى بما یتفق مع قدرتهم التکلیفیة.

أهمیة موضوع البحث

وترجع أهمیة موضوع البحث إلى کونه یتناول دراسة وتحلیل مکونات النظام الضریبی وعلاقته بالمتغیرات الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة، ودوره فی تحقیق الأهداف الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة سعیاً للوصول إلى عدد من القواعد والأسس العلمیة والعملیة والتی یمکن الاسترشاد بها من أجل تصمیم نظام ضریبی یتلاءم مع المجتمع المطبق فیه، کما أن النظم الضریبیة وعلاقتها بالنظم الاقتصادیة والاجتماعیة والسیاسیة یتأثر بها أفراد القطاع العائلی وقطاع الأعمال المحلیین والأجانب والمسئولین عن صنع السیاسة الاقتصادیة فی الدولة فعلى مستوى القطاع الفردى أو العائلى تلقى التطورات التى تطرأ على النظام الضریبى اهتماماً بالغاً، نظراً لمدى خطورة وتأثیر هذه التطورات على مستوى معیشتهم ومدخراتهم.

بینما یهتم أصحاب قطاعات الأعمال المحلیة والأجنبیة بالحوافز الضریبیة وکیفیة التعامل معها للاستفادة منها، نظراً لتأثیرها الکبیر على أرباحهم المتوقعة، ومن ثم على زیادة الدوافع لدیهم فى زیادة استثماراتهم فى ظل النظام الضریبى المعمول به.

أما بالنسبة للمسئولین عن صنع القرار الاقتصادى (السیاسة الاقتصادیة) فى البلاد فینصب اهتمامهم على مدى انعکاس التغیرات الضریبیة على مستویات الادخار والاستثمار والإنتاج والتصدیر والعمالة فى المجتمع، ومن ثم على الإیرادات الضریبیة بوجه عام، ومدى نجاحها فى تغطیة النفقات العامة للدولة التى تتسم بالتزاید المستمر، فضلاً عن سعى المسئولین الحکومیین إلى محاولة تحقیق العدالة الاجتماعیة المنشودة من خلال إعادة توزیع الدخل القومى لصالح الطبقات أصحاب الدخول المحدودة.