الخطأ المکسب فى إطار المسئولية المدنية دراسة مقارنة فى القانونين الفرنسى والمصرى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ القانون المدنى بکلية الحقوق ـ جامعة القاهرة

نقاط رئيسية

تکملة المقال داخل الملف المرفق

الموضوعات الرئيسية


مـقدمــة

أولاً ـ موضوع البحث ونطاقه:

1ـ تعد المسئولیة المدنیة أحد أهم موضوعات القانون المدنى الجدیرة بالبحث والدراسة حتى وقتنا الحاضر. فلا یزال العدید من مشکلاتها القانونیة مجالاً واسعاً لخلاف الفقه واجتهاد القضاء، ولا یکاد الجدل یستقر بشأن مسألة من مسائلها إلا ویتجدد مرة أخرى، کما تمثل منازعاتها المتزایدة باستمرار انعکاساً لواقع الحیاة العملیة المتغیرة والمتطورة([1]).

وقد کان الأساس القانونى الذى تستند الیه المسئولیة المدنیة من أهم المسائل التى شغلت حیزا کبیراً من الدراسات القانونیة، وکان موضع اهتمام بالغ من قبل المشتغلین بالقانون، فهل تقوم المسئولیة على أساس الخطأ، أم تنهض على تحمل التبعة أم على الضمان. وقد حسم المشرع الفرنسى هذه المشکلة فى تقنین نابلیون الصادر سنة 1804، حیث قرر المبدأ العام للمسئولیة المدنیة على أساس الخطأ بالنص فى المادتین 1382 و1383 على أن "کل فعل أیاً کان یوقع ضرراً بالغیر یلزم من وقع بخطئه هذا الضرر أن یقوم بتعویضه" وأن "کل شخص یکون مسئولاً عن الضرر الذى یحدثه لا بفعله فحسب، بل أیضاً بإهماله أو بعدم تبصره"([2]).

 وقد سلک المشرع المصرى فى التقنین المدنى الجدید  نفس مسلک المشرع الفرنسى، حیث نص فى المادة 163 من التقنین المدنى على أن "کل خطأ سبب ضرراً للغیر یلزم من ارتکبه بالتعویض". وهکذا باتت المسئولیة المدنیة تنهض على أساس الخطأ.

بید أنه فى الربع الأخیر من القرن التاسع عشر ومع انطلاق الثورة الصناعیة فى أوروبا وفى غیرها من بلاد العالم، وما أفرزته من تطور صناعى هائل وانتشار واسع للتصنیع واستخدام الآلات المیکانیکیة والکهربائیة، کقطارات السکک الحدیدیة والسیارات، وما ترتب علیها من مخاطر عدیدة، بدا فیها الخطأ عقبة حقیقیة فى سبیل حصول المضرورین على حقوقهم فى تعویض الأضرار التى أصابتهم، وذلک لصعوبة نسبة الخطأ إلى نشاط الغیر ممن ینسب إلیهم الضرر، لأن الحادث کان یعود فى غالب الأحوال إلى تشغیل الآلة، وحتى على فرض أن الضرر یعود إلى صاحب الآلة فقد کان من العسیر على المضرور أن یثبت الخطأ فى جانبه([3]).

وإزاء عدم عدالة الخطأ کأساس للمسئولیة المدنیة، بدأ الفقه فى الهجوم على نظریة الخطأ، فنادى بعضهم ببناء المسئولیة المدنیة على أساس تحمل التبعة ومؤدى ذلک أن من یمارس نشاطاً ینجم عنه ضرر للغیر یتعین علیه ضمانه حتى ولو لم ینسب الیه انحراف فى سلوکه، لأن الغرم بالغنم. ونادى البعض الآخر بالضمان کأساس لها. بید أن المشرع فى فرنسا ومصر وتبعه فى ذلک غالبیة الفقه والقضاء([4])، لم یتحول عن فکرة الخطأ وظل مخلصاً لها، واقتصر على اعتماد نظریة تحمل التبعة فى حالات استثنائیة بنصوص تشریعیة خاصة.

وهکذا، لم یتراجع دور الخطأ فى تأسیس المسئولیة المدنیة، بل ظل الخطأ صامداً أمام کل التحدیات التى تعرض لها وبقى ملازماً للمسئولیة لا ینفک عنها، فلا مسئولیة دون خطأ سواء أکان هذا الخطأ واجب الإثبات أم مفترضاً، بل لم یتوقف الخطأ عن التعبیر عن مقتضیات الحیاة الاجتماعیة وبدأ یبرز فى صورة أنماط جدیدة للسلوک.

2ـ ففى فرنسا، کثر الحدیث فى السنوات العشر الأخیرة عن صورة حدیثة، بل وغریبة، للخطأ وهى حالة الخطأ المکسب أو المربح ([5])La faute lucrative.

ویعود الفضل فى صک هذا الاصطلاح إلى القضاء الفرنسى، الذى أشار الیه لأول مرة باعتباره عنصراً من عناصر المسئولیة المدنیة فى أحد الأحکام فى بدایة القرن العشرین؛ وذلک فى قضیة تتلخص([6]) وقائعها فى قیام ناقل بحرى برص البضائع التى تعهد بنقلها على ظهر السفینة، بدلاً من وضعها فى العنابر، على الوجه المتفق علیه فى العقد، والذى قدرت على أساسه أجرة النقل، وقام بتخصیص العنابر لبضائع أخرى، وهو ما ترتب علیه تلف البضائع. وتبعاً لذلک أقام صاحب البضائع دعوى على الناقل یطالبه بالتعویض، فتمسک الناقل بشرط عدم المسئولیة الوارد فى سند الشحن. إلا أن محکمة النقض الفرنسیة استبعدت إعمال ذلک الشرط على أساس أن ما قام به الناقل یشکل خطأ مکسباً، وقررت فى حکمها أن القیام بشحن البضاعة على ظهر السفینة ولیس فى داخل مخازنها، کما هو متفق علیه فى العقد، کان هو السبب الرئیس فى تلف البضاعة؛ فهذه الطریقة فى رص البضاعة وشحنها تکون أقل کلفة بالنسبة للناقل، وهو ما یزید الکسب الذى یجنیه. فالخطأ الذى اقترفه الناقل هنا هو خطأ مربح له وضار بالنسبة لمالک البضاعة، وانتهت المحکمة إلى انعقاد المسئولیة المدنیة للناقل البحرى.

ثم أعاد القضاء الفرنسى الإشارة إلى اصطلاح الخطأ المکسب أو المربح مرة ثانیة فى سنة 1967، وکان الأمر یتعلق - هذه المرة - بعقد تورید أبرم بین مجموعة فرنسیة وشرکة خطوط السکک الحدیدیة الباکستانیة تلتزم بموجبه المجموعة الفرنسیة بتورید مواد معینة للشرکة المذکورة وتم العقد من خلال وسیط. تعمدت المجموعة الفرنسیة عدم تنفیذ الجزء الأخیر من عقد التورید حتى تتفادى دفع العمولة المتفق علیها للوسیط. وقد رأت محکمة الموضوع ومحکمة النقض من بعدها أن "عدم تنفیذ العقد لم یکن نتیجة لظروف خارجة عن إرادتها، إنما نجم عن مسلک إرادی للمجموعة الفرنسیة، بل من خطأ مربح لصالحها حیث کانت لها مصلحة فى عدم تحمل الجزاءات المالیة التى کانت مهددة بها نتیجة لعدم تنفیذ العقد"([7]).

فیما عدا هذین الحکمین، لم یذکر مصطلح الخطأ المربح أو المکسب صراحة فى أى حکم قضائى آخر، ولکن ذلک لیس یعنى أنه اختفى تماماً من افق الفقه وتطبیقات القضاء ولم تعد ثمة جدوى من الاهتمام به؛ ذلک أن من یحلل أحکام القضاء الفرنسى منذ سنة 1994 وعلى الأخص فى مجال الاعتداء على الحقوق الملازمة للشخصیة، وفى مجال البیئة، وأعمال المنافسة غیر المشروعة، وفى مجال الملکیة الفکریة، یدرک بیقین أن هذا الخطأ لم یتلاش أو یتقلص على الإطلاق، بل على النقیض من ذلک فهو آخذ فى التطور والانتشار فى ظل غیاب رد الفعل الرادع من جانب القانون ([8]).

وفى سبتمبر سنة 2005 ، اقترحت الأستاذة Viney إدخال فکرة الخطأ المکسب فى التقنین المدنى الفرنسى، وذلک بتضمین المشروع التمهیدى لتعدیل قانون الالتزامات، وقانون التقادم، المعروف باسم مشروع الأستاذPierre Catala  "کاتالا"([9]) نصاً بشأن هذا الخطأ. ومنذ تقدیم هذا المشروع إلى الحکومة الفرنسیة، بدأ الاهتمام الفقهى بدراسة وتحلیل الفکرة وبیان الآثار القانونیة المترتبة على استقبالها فى القانون المدنى.

3ـ أما فى مصر، فلا تزال فکرة الخطأ المکسب ـ على ما نعتقد ـ مجهولة إلى حد کبیر، ولم یشر إلیها الفقه إلا عرضاً عند تصدیه لتعریف الخطأ الجسیم([10])، أو تناوله لطریقة تقدیر التعویض([11]). آیة ذلک، أن من یطالع المؤلفات التقلیدیة فى النظریة العامة للالتزامات لا یجد أى إشارة فى فهارسها إلى کلمة الخطأ المکسب أو الخطأ المربح. وعلى الرغم من تخصیص الفقه المصرى للعدید من البحوث والدراسات الدقیقة الشاملة التى تتناول بالتحلیل فکرة الخطأ عموماً کأساس للمسئولیة المدنیة، وکذلک بعض أنواع الخطأ، کالخطأ الجسیم، والخطأ غیر المغتفر، فإن فکرة الخطأ المربح رغم اتساع المجالات التى تظهر فیها فى قانوننا الوضعى، لم تحظ حتى الآن بدراسة فقهیة تطبیقیة متعمقة تتناول تحدید ذاتیتها وأسباب ظهورها، والأثر المترتب على وجودها فى نطاق المسئولیة المدنیة.

من هنا تظهر أهمیة هذه الدراسة التى نحاول من خلالها تسلیط الضوء على فکرة الخطأ المکسب، بغیة تحدید ماهیتها القانونیة، وأسباب انتشارها فى محیط القانون الخاص، والمجالات التى تظهر فیها، والجزاء الملائم لمنعها، لاسیما وأن هذا الموضوع بدأ یحظى ـ کما تقدم ـ باهتمام الفقه الفرنسى فى ظل وجود اقتراحات بتعدیل قانون الالتزامات لا تزال محل نقاش فى مجلس الشیوخ والجمعیة الوطنیة الفرنسیة حتى الانتهاء من کتابة هذا البحث.

4ـ ومما تجب الإشارة إلیه ـ ونحن بصدد رسم الإطار العام لهذا البحث ـ أن الخطأ المکسب قد ینظر إلیه من ناحیة المضرور، ویطلق علیه "الضرر المکسب([12])"، ویتمثل فى حصول المضرور على ربح أو منفعة نتیجة لمسلک خاطئ من جانب المسئول نفسه. وتخرج دراسة هذا الخطأ عن نطاق بحثنا؛ ذلک لأن مسلک المضرور لا یثیر شعوراً بالاستهجان ولا یستوجب أى تأثیم من الناحیة الأخلاقیة والقانونیة، بل على النقیض من ذلک ینبغى تشجیعه وتأییده؛ فضحیة هذا الخطأ لم یسع بإرادته نحو تحقیق الربح أو جلب المنفعة، وإنما عاد علیه ذلک إما بسبب الاتفاق علیه کالشرط الجزائى، وإما بتقریره بنص القانون کالغرامة التهدیدیة أو بحکم القاضى ([13]).

ومن ناحیة أخرى، قد ینظر إلى الخطأ المکسب من زاویة محدث الضرر، أى أن مسلک هذا الأخیر یجلب علیه فائدة أو منفعة  غیر مشروعة تتجاوز ما قد یحکم به علیه من تعویض جابر للضرر، وهو ما سیکون محلاً للدراسة التفصیلیة فى هذا البحث.



[1])) راجع: د. محمود جمال الدین زکى، مشکلات المسئولیة المدنیة، الجزء الأول، فى ازدواج، أو وحدة المسئولیة المدنیة، ومسألة الخیرة (ویتضمن بحث الالتزام بالسلامة فى جمیع العقود)، مطبعة جامعة القاهرة، 1978، فقرة 1 ص 1.وفى نفس المعنى أیضا، د. إبراهیم الدسوقى أبو اللیل، المسئولیة المدنیة بین التقیید والإطلاق، دراسة تحلیلیة للأنظمة القانونیة المعاصرة اللاتینیة ـ الإسلامیة ـ الأنجلو أمریکیة مع طرح فکرة التعدى کأساس عام للمسئولیة المدنیة، دار النهضة العربیة 1980، فقرة 1 ص 3.

 ([2])راجع النصین فى لغتهما الأصلیة:

L, article 1382 du code civil dispose que: " Tout fait quelconque de l'homme, qui cause à autrui un dommage, oblige celui par la faute duquel il est arrivé à le réparer".

L, article 1383 du code civil dispose que : " Chacun est responsable du dommage qu'il a causé non seulement par son fait, mais encore par sa négligence ou par son imprudence".

([3]) V. S. PORCHY-SIMON, Droit civil, 2e annee, Les obligations, Dalloz, 2000, nos 552 et s ,p. 277.

وراجع أیضاً: د. مصطفى العوجى، القانون المدنى، الجزء الثانى، المسئولیة المدنیة، منشورات الحلبى الحقوقیة، الطبعة الرابعة، 2009، ص 232 وما بعدها.

[4])) حیث قضت محکمة النقض المصریة بأن :"خلو القانون المصرى ـ کأصل عام ـ من تقریر المسئولیة عن المخاطر التى لا یلابسها شیء من التقصیر. الاستثناء حالات متفرقة ورد النص علیها بمقتضى تشریعات خاصة"، نقض مدنى جلسة 18/6/1992 مجموعة المکتب الفنى (43/1/172/828) راجع الفهرس العشرى الخامس، موجزات القواعد القانونیة التى قررتها محکمة النقض فى المواد المدنیة من أول ینایر 1990 لغایة 31 دیسمبر 1999  من السنة 41 لغایة السنة 50 المدنیة، الجزء الثانى الأحرف من (ت) لغایة (ش)، رقم 5665، 5666، ص 1663.

 ([5])تجدر الإشارة إلى أن بعض الفقه المصرى یترجم المصطلح الفرنسى Faute lucrative بالخطأ المفید، والبعض الآخر بالخطأ المکسب، أو المربح، ونحن من جانبنا سنتبنى ترجمة الخطأ المکسب أو المربح ونستعمل المصطلحین کمترادفین طوال هذا البحث.

([6]) V. Cass. Req., 5 juin 1920, Sirey 1921. 1. 293, cité par J. MEADEL, « Faut-il introduire la faute lucrative en droit français ? », Les Petites Affiches, 17 avril 2007, no 77, p. 6 et ss, spéc. no 2.

([7]) V. Cass. com., 27 nov. 1967, Bull. civ. no 98, ou la Cour affirme que « L’inexécution du marché n’était pas la conséquence de circonstances étrangères a la volonté du groupe mais provenait d’un fait volontaire voire d’une faute lucrative de ce dernier…. ».

([8]) D. FASQUELLE, "L'existence de fautes lucratives en droit français", Les petites Affiches, 20 novembre 2002, no 232, p. 27, nos 3 et 5؛ J. MEADEL, art. préc., no 5.

 ([9]) وهو مشروع أعدته مجموعة عمل، تجمع مشاهیر القانون المدنى فى فرنسا، کأن یترأسها الأستاذ کاتالا Pierre CALALA ، وتقدمت به فى الثانى والعشرین من سبتمبر سنة 2005 إلى الحکومة الفرنسیة لتعدیل قانون الالتزامات وقانون التقادم. راجع:

Avant-projet de réforme du droit des obligations et du droit de la prescription, Rapport à Monsieur Pascal Clément, Garde des Sceaux, Ministre de la Justice, 25 septembre 2005, 148 (accessible sur le site Internet du Ministère de la Justice français http://www.justice.gouv.fr/publicat/rapport/rapportcatalaseptembre2005.pdf) P. 148. V. aussi, Alain ANZIANI et Laurent BETEILLE, Rapport d’information, enregistré à la présidence du Senat le 15 juillet 2009, no 558, accessible sur le site: www.senat.fr/rap.r08-558/r08-5581pdf. P. 80.

[10])) حیث أشار إلیه د. حسن زکى الإبراشی، مرة واحدة، فى رسالته للدکتوراه والمعنونة ب" مسئولیة الأطباء والجراحین المدنیة فى التشریع المصرى والقانون المقارن"، رسالة دکتوراه ـ جامعة فؤاد الأول، القاهرة، 1951، ص 152، وکذلک لدى د. محمود جمال الدین زکى، مشکلات المسئولیة المدنیة، الجزء الثانى، فى الاتفاقات المتعلقة بالمسئولیة (اتفاقات رفع، وتخفیف، المسئولیة، والشرط الجزائى، والتأمین من المسئولیة)، مطبعة جامعة القاهرة، 1990، ص95؛ ود. محمد إبراهیم دسوقى، تقدیر التعویض بین الخطأ والضرر، مؤسسة الثقافة الجامعیة للطبع والنشر والتوزیع، الإسکندریة، بدون تاریخ نشر، فقرة 200، ص387. کما ورد ذکره ـ دون تعریف ـ عند بعض الشراح العرب، منهم: د. إبراهیم صالح عطیة الجبورى، العوامل المؤثرة فى تقدیر التعویض عن الفعل الضار، دراسة مقارنة، منشورات الحلبى الحقوقیة، الطبعة الأولى 2013، ص 200، وکان ذلک بمناسبة عرضه لمسألة أثر المنفعة التى عادت على المسئول أو المضرور فى تحدید مقدار التعویض، ومدى اعتبارها ظرفا ملابسا للضرر؟ ومدى وجوب اعتداد القاضى بها عند تقدیر التعویض الذى یستحقه المضرور؟ ص 196 إلى ص 200.

[11])) د. سلیمان مرقس، الوافى فى شرح القانون المدنى ـ ج 2 ـ فى الالتزامات، المجلد الثانى فى الفعل الضار والمسئولیة المدنیة، القسم الأول، فى الأحکام العامة ـ الطبعة الخامسة، تنقیح د.حبیب إبراهیم الخلیلى، ایرنى للطباعة (مطبعة السلام) 1988، ص 552 هامش 105.

 ([12]) وقد أشار بعض الفقه إلى أحد التطبیقات القضائیة لفکرة الضرر المکسب للمضرور فى قضیة تتلخص وقائعها فی قیام أحد الأشخاص بحقن بعض الأرانب البریة التى کانت تهاجم ملکیته بفیروس یطلق علیه "مکسوماتوز"، وأدى ذلک إلى القضاء علیها لیس فى مزرعته فحسب، بل فى المزارع المجاورة لمزرعته. بید أن ذلک أغضب بشدة الصیادون وأصحاب المطاعم وتجار الجلود ممن کانوا یستفیدون من صید تلک الأرانب. لذا أقام أحد المتضررین دعوى أمام القضاء الفرنسى یطالب فیها بتعویض قدره ملیون فرنک، فقضت له المحکمة بخمسة آلاف فرنک، مسببة حکمها على أساس أن أرضه قد استفادت من اختفاء القوارض ذاتها بما یساوى 9950 ألف فرنک. مشار إلى هذا الحکم لدى: د. إبراهیم صالح عطیة الجبورى، المرجع السابق، ص 196، نقلاً عن د. حسن على الذنون، المبسوط فى المسئولیة المدنیة، الضرر، شرکة التایمس للطباعة والنشر، بغداد 2000 ص 317.

([13]) V. D. FASQUELLE, « L’existence de fautes lucratives en droit français », Les Petites Affiches, 20 novembre 2002, no 232, p. 27 et ss, spéc., no 14.