مفهوم الحــماية الدولية لحقـوق الإنسان والمعوقـات التى تواجهها

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

باحث

المستخلص

 الملخص
بدأت الدعوة إلى إيجاد العلاقات الدولية ووجود الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في القرن السابع عشر، وظهرت فکرة العقد الاجتماعي في القرن الثامن عشر ([1]).
وأصبح مفهوم الحمايه الدوليه لحقوق الإنسان يحظى باهتمام المجتمع الدولى بأسرة بعد الحرب العالميه الثانيه، وفى عام 1945جاء ميثاق الأمم المتحده وتم التأکيد فيه على مقاصد الأمم المتحده نحو تحقيق تعاون لحل المسائل الدوليه وتعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الاساسيه للشعوب.
وقد أخذت مسألة تدويل حقوق الإنسان تتعزز أکثر فأکثر مع إقرار الشرعيه الدوليه لحقوق الإنسان وفى عام 1948أصدرت الجمعيه العامه للأمم المتحده الإعلان العالمى لحقوق الانسان والذى جسد مبادئ حقوق الإنسان، وفى عام 1966صدر العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى للحقوق الاقتصاديه والاجتماعيه والثقافيه .
وفى سنة 1950 بادرت الجمعيه الأوربيه إلى إستصدار اتفاقيه أوربيه لحقوق الإنسان، وفى عام 1969صدر اتفاق أمريکى يتعلق بحقوق الإنسان وفى عام 1981صدر الميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب.
 



[1])) د. عز الدين فوده "الضمانات الدولية لحقوق الإنسان"،المجلة المصرية للقانون الدولي،العدد20، سنة 1964،ص99.

نقاط رئيسية

تکملة المقال داخل الملف المرفق

الموضوعات الرئيسية


المقدمة:

یولد جمیع الناس أحرارا، متساویین فى الکرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلا وضمیرا وعلیهم أن یعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء. ذلک هو محتوى نص المادة الأولى من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعیة العامة للأمم المتحدة فى 10 دیسمبر 1948([1]).

إذا کان  الناس یولدون فعلا أحرارا هذا لا یعنى أنهم یظلون أحرارا، ذلک لأن ما بین ولادتهم وهلاکهم، هناک جملة من الظروف تدخل حیاتهم، البعض منها تدعم حریتهم وتساعدهم على تفتح شخصیتهم والبعض الآخر تحول دون تحقیق تلک الغایة.

فلو تعمقنا فى دراسة الترکیب الاصطلاحی للإعلان العالمى لحقوق الإنسان لوجدنا أن تلک الألفاظ المستخدمة، والتى کانت محل جدل،إنما تعبر عن خلفیة فلسفیة لحقوق الإنسان وکذلک الوضعیة التى کانت علیها تلک الحقوق أثناء إعدادها. ونکتفى هنا بالذکر على سبیل الاستدلال، أن تلک المادة مستوحاة من المادة الأولى من الإعلان الفرنسى لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1789 ([2]) وتم حذف منها کلمة "ویعشون أحرارا".

إن الوضعیة التى کانت علیها حقوق الإنسان آنذاک تبعث على القلق بما صارت موضوع احتراق على المستوى الداخلى و الدولى، ووجد الإنسان نفسه أمام دولة تنتهک حقوقه وأمام مجتمع دولى قلیل الاهتمام به.

  لم یعتن القانون الدولى فى مفهومه التقلیدى بحقوق الإنسان کونه أنشئ لتنظیم علاقات بین الدول، فقواعده لم تکن تخاطب الفرد لتقریر حقوق لصالحة أو تفرض علیه التزامات، کما إن العلاقة بین الفرد ودولته لم تکن من الممکن إثارتها على الساحة الدولیة باعتبارها من المسائل الداخلیة([3]).

أما على المستوى الداخلى، کانت الدولة تستعین بذلک المفهوم السلبى للسیادة الوطنیة للنزاع بمبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلیة لها، لضرب تلک الحقوق.

فإذا لم یکن القانون یحمى الجمیع فلن یحمى أحدا، واستخلص المجتمع الدولى الدرس من الحربین العالمیتین، یتمثل فى کون عدم احترام حقوق الإنسان على المستوى الداخلى سیؤدى إلى انتهاکها على المستوى الدولى([4]) مما أدى به إلى إقامة علاقة ترابطیة بین الأمن والسلم الدولیین وضرورة حمایة حقوق الإنسان.

یستدل ذلک الوعى الذى أخذه المجتمع الدولى فى إدراج ضرورة حمایة حقوق الإنسان فى میثاق الأمم المتحدة([5])، المبرم بعد الحرب العالمیة الثانیة من أجل حمایة الأمن والسلم الدولیین وکذلک الجهود المختلفة التى أدتها المنظمة بغیة إقرار وحمایة حقوق الإنسان.

وقد جاءت الوثائق الدولیة لحقوق الإنسان- والتى تزید حتى الأن على ستین وثیقة([6])- موضحة الحقوق والحریات المحمیة بصورة واضحة جلیة لا لبس فیها ولا غموض، کما بینت القیود التى یمکن أن ترد علیها. وضوابط السلوک الدولى فى هذا الصدد ..غیر أن الحقوق المنصوص علیها فى تلک الوثائق لن یکون لها فاعلیة إلا إذا کانت لها حمایة دولیة خاصة بها.

فإذا کانت حمایة حقوق الإنسان فی الماضی مسألة فردیة أو محلیة تعنى بها التشریعات أوالممارسات الداخلیة لدولة ما فقد أصبحت الیوم قضیة تتصف بالعالمیة([7])، ولیس من المبالغة القول بأنها غدت موضوعا إنسانیا مشترکا یحتضن حقوق الإنسان أنى وجد وإلى أی دین أوعرق  .والیوم هناک إجماع دولی على اعتبار الإنسان المحور لکل الحقوق وعمودها الفقری، إن هذا التطور الذی طرأ على حمایة حقوق الإنسان یعود إلى ما سببته الحروب والنزاعات من انتهاکات واسعة لحقوق الإنسان إذ ارتکبت أفعال بشعة من الانتهاکات ضد حقوق الإنسان بمختلف أنواعها ،لذلک فقد خصصنا هذا البحث للحدیث عنها.



[1]))اعتمد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بموجب قرار الجمعیة العامة رقم 217 ألف (د – 3) المؤرخة فى 10 دیسمبر 1949، راجع ذلک على شبکة المعلومات الدولیة الإنترنت،الموقع التالى: www.unhchr.ch

[2]))Henri Oberdorff, droits de l'homme etlibertés fondamentales, édition Dalloz, Armand paris ,France ,2003,p44.

تنص المادة الأولى من الإعلان الفرنسى لحقوق الإنسان والمواطن "یولد الناس أحرارا ویعشون أحرارا، متساویین فى الحقوق.لا تمییز اجتماعى إلا لتحقیق المصلحة العامة".

Rusen Ergec,protection européenne et international des droits de l'homm , Bruylant Bruxelles,2004.p32.

[3]))د.عبدالواحد محمد یوسف الفار"حقوق الإنسان فى القانون الدولى والشریعة الإسلامیة"،دار النهضة العربیة،الطبعة الثانیة، 1991،ص 5.

Rusen Ergec,op.cit,p22.

([4])Frederic (S .); droit européen et international des tribunal droits de l`homme,3e edition, Paris universities france, 1997.p43.

[5]))وقع میثاق الأمم المتحدة فى 26 یولیو 1945 فى سان فرانسیسکو فى ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهیئة الدولیة ودخل حیز النفاذ فى 24 أکتوبر 1945.

[6]))للمزید عن هذه الوثائق راجع:

UNHR:A Compilation of international Instruments, UN, Doc. ST / HR/Rev.2 (1978).

[7])) العالمیة مشتق من لفظ العالم, فهى تشمل کل ما یمتد ویتسع متخطیا العوائق والحواجز وکل ما هو مصطنع حتى یشمل العالم کله دون تمییز, وتبقى (لعالمیة)مفهوم عصی على الضبط یأبى التقنین فی تعریف جامع مانع . فالبعض یراها مشتقة من کلمة العالم وبالتالی هی (العالمیة) قائمة منذ تکونت الأرض, وبعض یراها فی ضوء إطار وظیفی ویربطها بالعضویة فى المنظمات الدولیة والإقلیمیة, والبعض یراها فکرة خیالیة (طوباویة) ناتجة من الشعور بالظلم الذى عانى منه المجتمع البشری, إلا أن العالمیة Universalism تختلف عن العولمة Globality, إذ مع إقرارها بالانفتاح العالمی, إلا أنها لا تعارض الاختلاف الأیدلوجی والمفاهیمی والثقافی و الخصوصیات المحلیة لکل دولة, خلافاً لذلک العولمة تؤسس لفهم وأیدلوجیة واحدة هی الأیدلوجیة الغربیة ومحاولة تعمیم الفهم الغربی على ما سواه من مفاهیم کمسلمات منطقیة لا خلاف بشأنها, ولا یکون ذلک إلا على حساب المفاهیم والثقافات الأخرى المخالفة. راجع : د. جاسم محمد زکریا "مفهوم العالمیة فى التنظیم الدولی المعاصر"، الطبعة الأولى، منشورات الحلبی الحقوقیة، بیروت، 2006، ص57 وما بعدها.